هذا الكتاب يضم ستة فصول مقسمة إلى مَحاور، بالإضافة إلى تقديمٍ من المؤلف نفسه موجّه إلى القرّاء بالعربية. إنه إسهام في ترجمة فكر وإسهامات سوسيولوجي وفيلسوف يشتغل على النظرية النقدية، باعتباره واحدا من القلائل الذين يمارسون النقد المحايث من داخل الفكر الغربي المعاصر، وذلك لما يُظهره من جدةٍ في الفكر والممارسة ضمن المشروع الفلسفي والسوسيولوجي لتلك النظرية. هذا ويُعتبر حاملا لمشعل نقل فكر تلك النظرية من اللغة الألمانية إلى اللغة الفرنسية عبر حركة الترجمة التي يقودها رفقة مساعديه، إذ ترجم أعمال الفيلسوف والسوسيولوجي الألماني أكسل هونيث، خصوصا ثلاثة كتب: "مجتمع الاحتقار: نحو نظرية نقدية جديدة" (عام 2006) و"العالم الممزق: النظرية النقدية، التحليل النفسي والسوسيولوجيا" (عام 2013) والثالث "نقد السلطة" رفقة معاونيه، كما سهر على إعداد وتقديم ترجمة كتاب "أنبياء الخداع" (Prophets of deceit. A Study of the Techniques of the American Agitator) لصاحبه ليو لوفنثال (1949 [2019])، وغيرها من الأعمال. والكتاب، بين يدينا، مترجم من لغته الأصلية (الفرنسية) إلى اللغة العربية. إن خوض تجربة ترجمة هذا الكتاب لهي خطوة مهمة في إبراز أهمية الكاتب والكتاب، ليس فقط في المواضيع الجديدة والدقيقة التي يطرقها، وإنما في مقارباته والمناهج التي يوظفها، والتي تبرز عمق فكره وتمكّنه من أدواته المنهجية والمفهومية في معالجة قضايا ومشكلات العالم المعاصر (الاجتماعية، السياسية، الأخلاقية والاقتصادية، الخ.)، وكذا إسهامه المهم في النقاشات الدائرة اليوم في ميادين الفلسفة وعلم الاجتماع والسياسة. ورغم تباين الفصول الواردة في الكتاب، فإنها تتناول قضية "الاعتراف" في جوانبه المتعددة. حيث تم ترتيبها وتصنيفها، بتنسيق مع المؤلف، في محاور للتفكير والبحث بشكل يعطيها تناغما موضوعاتيا. ويغطّي مصطلح "نظرية الاعتراف" مناهج مختلفة ومساهمات نظرية متعددة، لا يأخذها هذا الكتاب كلها في الاعتبار نظرا لثرائها واتساعها. يتعلق الأمر هنا بـ بيير بورديو، وأكسل هونيث، وتشارلز تايلور، ونانسي فرايزر، دون أن ننسى "الكلاسيكيين" روسو، كانط، فيخته، هيجل. وتتجلى الموضوعات الرئيسية التي تحيط بها فصول الكتاب، في مناقشة المفهوم "المتماثل" للاعتراف وتطوراته، وتلك المرتبطة بالتفكير في اختلافاته مع المفهوم "غير المتماثل" للاعتراف كهيمنة، ثم مساهمات بحثية في سيرورات تكوين أو تشكّل الصراع والدوافع المحفزة له.
تعليقات