القائمة الرئيسية

الصفحات

الأمازيغية واستعمالات الاعتراف

الأمازيغية و استعمالات الإعتراف

 لقد عانت مرئية/ظهور الأمازيغية في الفضاء العام في الآونة الأخيرة، ولن تكون في مأمن على الإطلاق في المستقبل من استخدامات لإفقار ضمنيتها المعيارية المتعلقة بالقيم التي تحملها أو التي ينبغي أن تنقلها. وهكذا يعود السقوط  في انتكاسات الممارسات غير الصحية أو الغوغائية التي تهدف في كثير من الأحيان إلى جعل الناس ينسون، أي إلى طمس متطلبات الاعتراف بها أو ترقيتها. ولذلك هناك استخدام جيد واستخدام سيء حسب المستخدم أو المتلاعب بالطبع.يتوقف ذلك  على زاوية النظر.

 لقد تطلبت سيرورة النضال من أجل الاعتراف بالأمازيغية الكثير من التضحيات والجهود باعتبارها أساسا مهماًّ للهوية الشمال إفريقية مهما كانت الأنظمة وأشكالها. إن جوهرها ومحتواها هو ما تسائله الأمازيغية فيه.فالسلطات القائمة، مهما كان شكلها سواء كانت ملكية أو جمهورية، هي مستدعاة ومتحداة من قبل  الأمازيغية كي تستعيد المكانة التي سلبت منها بعنف بعد المآسي الاستعمارية في القرنين التاسع عشر والعشرين.. وبعد ظهير  سنة 1930 وعلى إثر النضالات الجليلة لذوي الحقوق، بدأت هذه الأمازيغية تحظى بنصيبها من المرئية/ الظهور. لكن هذه المرئية لا يجب ٱختزالها في  رمزية متحفية (القطع الأثرية) ولا يجب جعلها عرضة  لفولكلور سياسي تحاول كل دولة من خلاله الطعن في شرعية الدولة الأخرى التي يتم شيطنتها ووصمها باسم عراقة الأمازيغية أو جذورها الضاربة في دولة دون أخرى.

 وهذا الشجار ليس سوى تشويها لرسالة ومهمة حركة الإعتراف بالهوية هذه. إن فحصا بسيطا لأدبيات الحركة الثقافية الأمازيغية يُظهر بوضوح أن مسوّغات نضالها جامعةومُوحِّدة سواء على المستوى الداخلي لكل شعب في شمال أفريقيا أو مع جيرانه في نفس شمال أفريقيا. الجميع يتذكر مصطلح “الأساس” الذي يصف الأمازيغية في فضاءها الطبيعي والجيوستراتيجي. ويبدو للأسف أن ما وُصِم على المستوى الداخلي كأسباب للانقسام والخلاف، تحول إلى أسباب للخلاف بين الدول أيضاً. وتساهم هذه الأخيرة في جعل الأمازيغية علامة للاختلاف والعداء بين الدول لنقلها إلى المستوى الدولي، مما يعرض للخطر فرص وإمكانات الوحدة والتضامن في شمال إفريقيا. ويحاول المنظرون والمؤرخون المتدربون من كلا الجانبين التماهي مع السلطوية الرسمية، وهذه المرة باستخدام الأعمال اليدوية أو الأثرية الأمازيغية. ويجعلونها أداة للانقسام والتشرذم وإثارة الحروب. وهذه مفارقات في الاعتراف بالأمازيغية: والذين كانوا بالأمس يعيبون الأمازيغية بالانقسام والتجزيء، بمعنى أنهم جامعون وموحدون، هم نفسهم من يمارسونه اليوم، لأنهم بكل بساطة فُتحت لهم الطريق السالكة إن لم نقل الطريق السيار.

 ومن مظاهر المقاومة الأمازيغية بحق هو نضالها ضد الانقسامات والتطلع إلى الوحدة في التعددية والحرية والعدالة والإنصاف والكرامة. هذه هي القيم التي تم طمسها عن عمد من قبل بعض المتدربين الذين حاولوا مؤخرًا إعادة بناء تاريخ يتناسب مع الدول الطالبة. الأمازيغية هي قبل كل شيء هوية الشعب، وإذا أرادت الدول الإنتساب إليهآ، وهو أمر غير محظور، فيجب عليها أن تجعل متطلبات هذه الأمازيغية فعلية، أي أن تجعلها واقعا،و تترجم المنظومة المعيارية التي تتطلبها هذه الأمازيغية بالملموس. كل ما دون ذلك فهو فولكلور وتفاخر فارغ.

بقلم الأستاذ: يوفا يان يان

أنت الان في اول موضوع

تعليقات

التنقل السريع