قراءة مختصرة في كتاب: "حراك الريف في مساءلة: حكامة الأزمة وأزمة الحكامة"
بقلم: محمد أبركيوي
الكتاب عبارة عن جملة أسئلة يطرحها الكاتب لمساءلة الحراك على ضوء التجارب الديموقراطية التي يعرفها العالم المعاصر. وكذا على ضوء نظريات علم النفس الاجتماعي وبيداغوجيا النمو عند الأفراد والجماعات والمؤسسات.
يعتبر السؤال بداية حقّا مشروعا. ولولاه لما تكلّمنا عن التقدّم والنمو. إذ أنّه يغذّي النقد الذاتي والاستفادة من الأخطاء والعثرات قبل الوصول الى حلّ يخدم المصلحة العامّة للمجتمع.
ومن هنا لا تخرج الأسئلة التي قدّمها الكاتب عن هذا الإطار. فمن سؤال لماذا الحراك إلى مدى الإجماع حوله وكذا شرعيته ثمّ دور الرقمنة وعالم الاتصال المعاصرة في صنعه.
كلّها أسئلة تستفزّ الذات والضمير وتبحث عن بدائل قد تكون أقوى منها وأنضج. لا يكتفي الكاتب بهذه الأسئلة بل يختمها بالسؤال/البديل المتمثل في الاقتصاد الاجتماعي التضامني قبل أن يعود الى الريف والشتات، وكأنّه بذلك يريد أن يقول لنا إن الريفي -كما الشاوي والسوسي- قادر على مواصلة التحدّي وتحقيق الذات عبر آليات المشاركة المباشرة والمساهمة الناجعة في بناء مجتمع ديموقراطي متعدّد.
السؤال الأول في الكتاب يحفر في السير الإنساني نحو الأمام مشبّها إيّاه بنموّ الطفل وهو ينتقّل من رحم الأم الى فضاء أرحب وأوسع يبحث فيه عن التوازن قبل أن ينتهي بالتكيّف وإرادة النمو الذاتي. هذا الطفل الذي يدعونا أن نكون في مستوى جرأته في طرح السؤال، يتطابق تماما وبالقياس مع ثقافة الحراك التي خرجت من بيئة محتضنة له إلى أخرى جديدة لكي يطور نفسه في علاقة مع التحولات النفسية-الاجتماعية. إنه تحسّن متواصل عن طريق التعلّم غير المتقطّع. هنا يدعونا الكاتب بمواصلة التأمل الذاتي ومعه لا تتوقّف المجموعات والمؤسسات عن تعلّم التعلم. إنّها براديغم/أنموذج جديد للتعلّم وصلت إليها المدرسة والمؤسسة التعليمية الحالية. وعليه فإنّ رؤية الكاتب تتجلّى في هذا التأمّل المصاحب للوعي الذي يشبهه بخطى الحلزون الحثيثة والناجعة في الآن لأنّه سيصل ولا شكّ في ذلك في اللحظة المناسبة أو الجيّدة.
أمّا السؤال الثاني فهو سؤال الشرعيّة والمشروعيّة. لا يكتفي الكاتب بمسايرة القائلين بالإثبات أو بنعم، وإنما يسأل من جديد وعلى طريقة سقراط: ولكن لماذا؟ إنّ المساهمة في المجتمع لا يحدّه التصويت في الانتخابات، بل تتعداه الى المشاركة.

تعليقات