بقلم
سمير المرابط
1 - لا ديموقراطية بدون أمازيغية.
2- لا لإقصاء وتهميش الأمازيغية.
3- لا لفلكلرة وتمييع الأمازيغية.
لاءات ثلاث تصدحت بها حناجر مناضلي
الحركة الثقافية الأمازيغية بالجامعة، وعموم الجماهير الطلابية التي انخرطت في كل
الأشكال النضالية التي دعا إليها هذا المكون الفتي في البدايات الأولى لتسعينات
القرن الماضي.
عذرا أيها الشهيد " إزم
"شهيد القضية الأمازيغية من خلال التنظيم الأمازيغي الوحيد الذي برز بشكل فاق
كل التصورات متحديا كل الخطابات التي تتلاقى الى جانب النظام المخزني في مهاجمة كل
ماهو أمازيغي بدعوى الفكرالعروبي الذي استلهمت منه هاته الخطابات مرجعيتها الفكرية
تارة، وبدعوى "الإنتماء" الإسلامي الذي أضحى مقصلة لهؤلاء توضع حول رقاب
المناضلين الأمازيغيين لتجريم انتماءهم الهوياتي ونضالهم من أجل الأمازيغية –
بمفهومها الأنثربولوجي الواسع حيث لا يمكن الحديث عنها بشكل ضيق كلغة أو كثقافة
وإنما في كل ما يرتبط بالإنسان الأمازيغي من إنتاج مادي ورمزي في مجال جغرافي
......في ارتباط وثيق بينهما عمل الأول على حمايته ومؤسسا لحضارة امتدت لعشرات
القرون-.
عذرا أيها الشهيد "إزم"
،لو كنا نعلم أنك من ستوهج منارة الحركة الثقافية الأمازيغية بعد ربع قرن من
ميلادها بدمائك الطاهرة لقبلنا رأس أمك التي ولدتك لتقدمك عريس شهداء القضية الأمازيغية
،إنه فخر لا يليق الا بمن آمن بأن الإنسان يزول و الأمازيغية خالدة في التاريخ ،
أستميحك عذرا ايها الشهيد كي أغيب عنك للحظات لأهمس في آذان المناضلين محاولا
التنقيب في أغوار دواعي إغتيالك سياسيا من طرف أعداء الحرية الذين يجتمعون ويتفقون
في عدائهم للأمازيغية رغم إصطناع الخلاف بينهم ،لعلي أسهم في بعث بعض من أزهار
الطمأنينة الى قبرك كي تنام مستريحا تكريسا لشعار رددته حناجر إخوانك، رفاقك
إمغناس داخل وخارج أسوار الجامعة " يا شهيد ارتاح ارتاح ،سنواصل الكفاح
" ، ومن أجل أن تكون معلمة تاريخية في تخليد الذكرى الخامسة والعشرون لبروز
الحركة الثقافية الأمازيغية داخل الجماعة أنارت ووهجت طريق النضال والصمود من أجل
قضية وضعها رفاقك في مرتبة تسمو على ذواتهم ، فلتكن ذكراك استحضارا لنضال مرير
وطويل ضد نظام مخزني لا ديموقراطي ولا شرعي استدام في نهب خيرات وثروات الشعب
بسياسة تستهدف تهميش و إقصاء ايمازيغن تارة، ومحاولة احتواء وتمييع الأمازيغية
تارة أخرى .
1-
في قضية الديموقراطية:
عندما رفعت الحركة الثقافية الأمازيغية داخل الجامعة شعار " لا
ديموقراطية بدون أمازيغية " كانت على وعي تام بأن طبيعة النظام السياسي
بالمغرب لا ديموقراطي ، وهنا نتكلم عن تضاد سياسي بما يعني الدولة كأداة لممارسة
الحكم المباشر ممتلكة لوسائل الإكراه وأحزاب سياسية تدور في فلك هذه الدولة ، فنفي
الديموقراطية عن هذا النظام المخزني في كل تجلياته جاء لقراءة تاريخية موضوعية
لتصور نظام الحكم في المغرب نتيجة استيلاء العائلات النافذة بما فيها العائلة
الملكية على السلطة السياسية وذلك بتخريب كل المؤسسات السياسية التاريخية لدى
ايمازيغن وإلغاء كل المؤسسات الديموقراطية والقوانين التي تؤسس لنظام الحكم لدى
ايمازيغن المبني على قوة القانون واحترام الشرعية ، وكذلك باستيلائهم على كل
مصادر الثروة التي تستخدم في تقوية نفوذهم السياسي والعسكري .
ولم يأت رفع هذا الشعار لإضفاء
الطابع الديموقراطي على النظام بمجرد اعترافه بالأمازيغية، لأن مناضلي الحركة
الثقافية الأمازيغية برفعهم لمطلب دستور ديموقراطي شكلا ومضمونا يقر بأمازيغية
المغرب وباللغة الأمازيغية لغة رسمية ، كانوا على إلمام تام بمدى استحالة تحقيق
هذا المطلب في ضل نظام سياسي مخزني مبني على أساس تقليداني تكون فيه السلطة
الفردية للملك هي أساس الحكم بعيد عن إرادة الجماهير الشعبية، وما دستور 2011 لخير
دليل على مدى مصداقية وموضوعية هذا المطلب ، لأن الحركة الثقافية الأمازيغية
لازالت تلح على مطلب التغيير الدستوري.
إن العلاقة
الديالكتيكية بين الديموقراطية والأمازيغية تكمن في أن هاته الأخيرة
لا يمكن أن تنوجد الا في ضل نظام ديموقراطي والأولى لا يمكن تصورها بالإستغناء عن الأمازيغية،
إذن فالديموقراطية كأساس لممارسة الحكم هي الضمانة الرئيسية لأن تكون
الأمازيغية بمفهومها الواسع حاضرة في جميع مستويات وأجهزة الدولة.
إن
النضال من أجل التغيير الديموقراطي بالمغرب كان ولا يزال الآلية الوحيدة والأساسية
لدى جميع مناضلي الحركة الثقافية الأمازيغية وهو ما كلفهم غاليا لإعتبارهم هذا
مبدأ في الدفاع عن القضية الأمازيغية، حيث لم يسلموا من إعتقالات منذ بداية
التسعينات ومن متابعات ومضايقات وهذا المبدأ في النضال هو ما كلف حياة شهيد القضية
الأمازيغية "إزم".
إن اعتقالات 1994 التي شملت
مناضلي الحركة الأمازيغية أعضاء جمعية تيليلي بكلميمة، الراشيدية إبان رفعهم
لشعارات مكتوبة بتيفيناغ ومطالبتهم بدسترة الأمازيغية كمطلب ديموقراطي ومشروع ،
جاءت لتبين لاديموقراطية هذا النظام في تعامله مع قضايا ايمازيغن سواء منها
القضايا ذات الطابع السياسي ، الثقافي والإقتصادي والإجتماعي ،وجاءت اعتقالات 1996
بوجدة لمناضلي الحركة الثقافية الأمازيغية من أجل استنطاقهم لمدة 48 ساعة دون
عرضهم للمحاكمة في سياق استكمال هذا النظام المخزني الديموقراطي لمسلسله الرامي
الى التضييق على الصوت الديموقراطي من داخل الجامعة المتمثل في الحركة الثقافية الأمازيغية
،ومن اعتقالات 2007 التي طالت المناضلين حميد أعضوش ومصطفى أوسايا والتي جاءت بعد
إعطاء الحركة الثقافية الأمازيغية موقفا سياسيا واضحا بخصوص اللعبة السياسية
المفبركة مباشرة بعد بروز الشعار المزيف المسمى بالعهد الجديد والمتمثل في بداية
المسلسل الإنتخابي والتي دعت بشكل واضح الى مقاطعة هاته المسرحية التي تستغبي
الجماهير الشعبية بشعار المسلسل الديموقراطي الذي طالما كذبته الحركة الثقافية
الأمازيغية في بياناتها السياسية وحلقيات نقاشاتها مع الجماهير الطلابية.
إن الأداة المسخرة في
تنفيذ جريمة الإغتيال السياسي ضد شهيد القضية
الأمازيغية " إزم " هي توافق سياسي بين من يدعي
انتمائه الى جبهة البوليساريو دفاعا عن شعار رفعته ومبدأ تعمل من أجل تكريسه على
أرض الواقع المتمثل في الجمهورية العربية الصحراوية فهنا لابد من توضيح شيئ أساسي
فالحركة الثقافية الأمازيغية لازالت تعبر عن نفسها بإعتبارها امتداد للمقاومة
المسلحة وجيش التحرير أي أن الحركة الثقافية الأمازيغية في جوهرها هي حركة تحريرية
من قبضة الإستعمار كيفما كان لونه أو دينه أو لغته، وتحررية من جميع الأفكار التي
تستنبت خارج الوطن الأمازيغي والبعيدة عن روح القيم الإنسانية الديموقراطية
والحداثية وما لبثت الحركة الثقافية الأمازيغية في دعمها لجميع حركات التحرر
الوطني في جميع أنحاء العالم. الا أن الحديث عن جبهة البوليساريو شيئ آخر فأنا لست
ضد مطلب الشعب الصحراوي الأمازيغي طبعا في تحرره من قبضة الإستعمار كيفما كانت
طبيعته إلا أن الإجترار وراء شعارات انتجتها دول ما بعد الإستقلالين الشكليين في
المغرب 1956 والجزائر 1961 بتواطؤ مكشوف مع القوى الإستعمارية
لكبح المقاومة المسلحة وجيش التحرير اللذين قدما الدماء والأرواح من أجل الإستقلال
الفعلي وليس الولاءات والتنازلات الذين كانا نهج الحركة اللا وطنية في كلا البلدين
من أجل الوصول إلى اقتسام الكعكة التي استفادت منها القوى الإستعمارية وذلك من أجل
إقصاء ايمازيغن الذين شكلوا تنظيمات عسكرية وسياسية لم يجرأ على تأسيسها من قدموا
الوطن بأراضيه وخيراته في طبق من ذهب لهاته القوى الإستعمارية.
إن بروز مشكلة الصحراء ليس من صنع ايمازيغن لأنهم في حقيقة الأمر لم
يتمكنوا من السيطرة على زمام السلطة السياسية وبالتالي تحميلهم عبئ ووزر هاته
المشكلة مجرد عبث ومحاولة تحريف جوهر المشكلة عن سياقاته التاريخية والحضارية، إن
المشكل هو إنتاج لسياسات لاوطنية اتجاه أبناء الشعب المغربي في كل مجالات الحياة
السياسية ،الإقتصادية ، الإجتماعية والثقافية وبالتالي حجب النظر عن سؤالين
مركزيين الا وهما كيفية توزيع الثروة الوطنية وإقتسام السلطة السياسية.
هذا التوافق كما قلت بين
هؤلاء (جبهة البوليساريو ) ومن تشبعوابأفكار القومية العربية تحت
يافطة شعارات الإشتراكية العلمية -التغيير الثوري -الثورة
الإشتراكية .....، جعل همهم الوحيد داخل أسوار الجامعة خلق صراعات وهمية مع
مكون تاريخي داخل الحركة الطلابية قدم الشيئ الكثبر من أجل الدفاع عن الجامعة
المغربية ومواجهة السياسات اللاوطنية في مجال التعليم أضف الى ذلك النضال المستميت
من أجل تحصين الإتحاد الوطني لطلبة المغرب وتصحيح مسار الحركة الطلابية التي كانت
تتجه إلى السقوط في مستنقع البيروقراطية بعد سيطرة الخطاب الأحادي بشقيه
العروبي من جهة رغم إختلاف تكتيكاته السياسية ومرجعياته الإيديولوجية ،
والخطاب الإسلاموي من جهة أخرى بإختلاف تعبيراته التفسيرية .
إن هذا التلاقي الموضوعي بين
هؤلاء الذين نفذوا جريمة الإغتيال في حق شهيد الحركة الثقافية الأمازيغية والنظام
المخزني الذي أصبح أداة لحماية مثل هكذا سلوكات عن طريق توفير فرص استغلال الريع
الإقتصادي كضمانة لخلق توازنات داخل منطقة الصحراء ومن خلال إختراق بعض التنظيمات
المحسوبة على الطلبة القاعديين قسرا، تلاقي تؤطره غاية واضحة ومفهومة كون أن جبهة
العداء للأمازيغية يتوسع خطابها الدموي والإقصائي مقابل عقلانية الخطاب الأمازيغي
المؤسس على قيم ديموقراطية حداثية وتقدمية.
إذن فمطلب الديموقراطية لدى الحركة
الثقافية الأمازيغية مطلب قدمت ولازالت تقدم من أجله شهداء ومعتقلين وأسراب
مناضلين لن تتوقف يوما عن تبني تصورها المؤسس على مبدأي التاريخ والجغرافيا في
جوانبه الديموقراطية والحداثية والدفاع عنه في مواجهة خطاب التضليل والديماغوجية
البارع في امتلاك أدوات السلطة ودعمها.
2- في
قضية الثروة الوطنية (إقصاء وتهميش الأمازيغية):
حين
نتحدث عن الإقصاء والتهميش الذين تعرض لهما ايمازيغن على مر التاريخ لابد من
إستحضار سؤال الثروة وعلاقتها بالسلطة السياسية ، فنظام المخزن عمل بشكل ممنهج على
مراكمة الثروة عن طريق إغتصابها واحتكارها ضدا عن المالكين الحقيقيين لها باستعمال
أساليب متعددة في الهيمنة الإقتصادية وذلك بنزع الأراضي واستثمارها في خلق لوبيات
عقارية تضع نفسها رهن إشارة السلطة السياسية في تنفيذ أجندة إقتصادية وإجتماعية تعمل
على إدامة وتعميق الفوارق الطبقية و كذلك خلق مؤسسات لإستغلال الموارد الطبيعية
مرهونة بالعائلات المهيمنة ،الملكية منها والمرتبطة بها من عائلات تندرج ضمن
الهولدينغ الملكي المحمي بترسانة قانونية ومالية .
إن الحديث عن الهيمنة
الإقتصادية للطبقة الحاكمة في تحالفاتها المرحلية مع الطبقات الوسطى داخل المجتمع
المغربي لإقتيادها في عملية انجاز المخططات الإقتصادية الكبرى في مجال العقار
والطاقة والمواصلات الخ .... هو من أجل نسيان مجموع من المعطيات التي تتعلق بالإرتفاع
المهول في نسبة الفقر التي تمس أكثر من 50 بالمائة من الساكنة إضافة الى الفئات
الصغرى التي تستمر في حصد النتائج المباشرة لهذه الهيمنة في مجالات التجارة
الداخلية وارتباطها طبعا بالتجارة الخارجية، أضف الى ذلك زيادة نسبة الفقرعند
الموظفين البسيطين والأجراء.
من هنا يتبين أن عقدة الهيمنة
السياسية عن طريق تخفيف الغطرسة الإقتصادية كمفهوم كلاسيكي يؤرخ لمرحلة القيصرة
والإمبراطورية ولازالت ملتصقة كمبدأ استراتيجي بهذا النظام في تحقيق مبدأ
"الأمن الداخلي" كشعار يؤسس لكل السياسات الإقتصادية المتعاقبة على
المغرب قبل الإستعمار وبعد توقيع اتفاقية إيكس ليبان الخيانية.
إن مفهوم السلطة الذي يجب أن يتأسس
على مفهوم الإنتماء إلى الأرض والى الشرعية التاريخية والديموقراطية غائب لدى
الحاكمين في أبرز اختياراتهم السياسية سواء عندما تبنى النظام مفهوم الشرعية
السياسية في محاولات متعددة من أجل جذب "الخصوم" الى معترك اللعب
السياسي داخل النسق المؤبد بفعل استراتيجية محكمة نهجها النظام وأذياله من فاعلين
استراتجيين إن وجدوا وسياسيين يضعون أفق مشروعهم في حدود بطونهم ، أو في اعتماد
الشرعية الدينية التي أصبحت تتآكل بفعل الإستغلال الوحشي للدين سواء لدى الأنظمة
الديكتاتورية أو الحركات الإسلاموية التي فشلت أي (الإثنتين) في تحقيق ما يسمى
بالدولة الدينية التي كانت وأضحت من المستحيلات في ظل قيام الدولة على اساس
التسيير البرغماتي بمؤسسات تخضع للقانون الوضعي وليس للقاموس الإلهي....
إن الضرر الكبير الذي لحقته
الإختيارات الإقتصادية المرهونة طبعا بإملاءات صناديق الدعم الدولي بفعل رهن ثروات
البلاد بمافيا تستجيب بفعل الإكراه وتبادل المنافع لهاته الإملاءات اثر بشكل كبير
على ثقة الساكنة المغربية بكل مؤسسات دولة هذا النظام المخزني وأصبحت دائرة الفقر
المدقع تتسع مساحتها بشكل مهول يؤثر بشكل يومي على القدرة الشرائية والمعيشية
البسيطة لجل السكان وبالتالي ارتفاع مستوى الهوة والإحتقان الإجتماعي الذي أصبحت
عملية استغلاله من طرف "مسؤولي" هذا النظام في محاربة وكبح أي مشروع
تحرري ديموقراطي أمرا مشاعا وذلك بتصريف الصراع خارج دائرته وانجاز حرب خارج حقوله
المعهودة و التي يستغلها في إخراج سيناريوهات الحكامة والتدبير الحكيم في خلق
" تنمية مستدامة" بعيدة كل البعد عن الإنتظارات المعيشية للمجتمع
المغربي.
إن التراجع الكبير الذي حققته
حكومة ممثلة هذا النظام المخزني على جميع مكتسبات الشعب المغربي في جميع القطاعات
العمومية التي تعتبر الرئة الوحيدة التي تبقت له لضمان البقاء على قيد الحياة
يتعلق الامر بضرب مجانية الصحة والتعليم والرفع من مستوى اسعار المواد الاساسية
بنشر اكذوبة تصحيح وانقاذ صندوق المقاصة الذي أضحى شعارا زائفا لكل الحكومات
المتعاقبة منذ 1956 من أجل شرعنة ممارسة الإستبداد الإقتصادي عن طريق توكيل
سياسيين يحترفون لغة الكلام وامتصاص غضب الجماهير الشعبية بواسطة التوغل والإختراق
في النقابات التي أصبحت أداة تزاوج الإختيارات الإقتصادية والسياسية اللاوطنية
بتخريجات محتشمة للحفاظ على ما يسمى بالسلم الإجتماعي ،وكذلك التخفيض من اجور
البسطاء واستمرار الحيف الإجتماعي الذي يمس اغلبية الفئات الفقيرة والمقهورة وعدم
المساس بالصناديق السوداء التي توجه ميزانيتها لتسيير قطاعات أصبح الشعب المغربي
أمام هذه الأزمة الإجتماعية والإقتصادية التي تخنقه بشكل يومي في غنى عنها ،الا ان
تاكيد قوة وهيمنة النظام من خلال خلق صورة التعالي والإستفراد هو ما يؤكد نية هذا
النظام المخزني في تأبيد مفهوم السلطة القائم على مبدأي مفهوم السلطة القائم على
مبدأي الغطرسة والهيمنة .
إن الحركة الثقافية الأمازيغية من
خلال طرحها لشعار لا للإقصاء ولا لتهميش الأمازيغية والإشارة دائما الى مشكل نزع
الأراضي والإستغلال غير المبرر للثروات الطبيعية التي تنوجد في نطاق جميع المناطق
الأمازيغوفونية إضافة الى فضحها بشكل علني لسياسات الإقصاء والتمييز التي يتعرض
لها الشعب الأمازيغي جراء هاته السياسات اللاوطنية في استغلال جميع منابع الثروة
الطاقية المعدنية والمائية دون تبرير عملية توجيه العائد من كل هذه الثروات التي تزخر بها بلادنا.
إن اليوم، الحركة الأمازيغية بصفة عامة لا بد
من أن تتجرأ في طرح قضية ارتباط السلطة بالقوة الإقتصادية لدى النظام المخزني
وبالتالي تقديم إجابات كافية وشافية حول قضية الثروة الوطنية التي كانت ولازالت
مصدرا لإستقواء كل الذين يهاجمون هذا الشعب الذي يمتلك سلطة الأرض والتاريخ.
وبذلك أصبح دور الحركة الأمازيغية
التصدي لكل السياسات اللاوطنية التي تهدف الى مزيد من تركيع وتفقير الشعب مقابل
غنى ثلة قليلة تستفيد من ريع اقتصادي جعله الحاكمين كعكة يتصارع حولها من يريد
التقرب ولحس أيدي وأحذية من يسيطرون سياسيا واقتصاديا ، وكذلك يجب على الحركة
الأمازيغية فضح كل المؤامرات التي تحاك- من جسم - أنهكته كثرة
الإجابات والتنظيرات الفاقدة للبوصلة ولروح مبدأ الإستراتيجية ضد القضية
الأمازيغية في محاولة جر إيمازيغن الى مستنقعات حماية وإعادة إنتاج شروط
إستمرارالإستبداد السياسي والإقتصادي ،وإقحام الأمازيغية عنوة في نقاش محرف عن
سيرورته التاريخية وذلك بإضفاء (الشرعية التاريخية ) وشرعية الإنتماء الى الأرض
لمن لا يمتلكها بهدف الإقتيات على فتات الريع الإقتصادي .
إن مناضلي الحركة الثقافية
الأمازيغية سارعوا دائما الى فضح كل سياسات النظام المخزني الإقتصادية والإجتماعية
ولعل فضح الشهيد إزم لسياسة الريع الإقتصادي يدخل في صلب المعركة السياسية
الحقيقية التي تتبناها الحركة الثقافية الأمازيغية في التصدي ومواجهة جميع أنواع
الإقصاء والتهميش الذين يتعرض لهما إيمازيغن من طرف هذا النظام وأذياله المسخرين
للمحافظة على شروط بقائه.
إن نضال الحركة الثقافية
الأمازيغية يجسد فعلا الرؤية والتصور الواضح من أجل تحرير الشعب الأمازيغي من قبضة
هذا النظام المخزني المبني على الإحتكار الشامل لوسائل الإنتاج ومصادر تراكم
الثروة في أيدي الحاكمين ضدا عن رغبته في تحقيق الحرية والكرامة والعدالة الإجتماعية
والتي كانت ولازالت شعارات تؤطر نضاله التاريخي ضد الإستعمار الأجنبي وضد السياسات
اللاوطنية واللاشعبية لنظام المخزن مقدما تضحيات بطولية في ذلك.
3-
في سياسة فلكلرة الأمازيغية وتمييعها:
ليس الحديث عن فلكلرة الأمازيغية
استغلالها كلغة وثقافة وفقط في المهرجانات ذات الطابع المخزني في تلميع صورة
النظام اتجاه ايمازيغن وكذلك المنتظم الدولي وإنما تبخيسها وجعلها آلية لتمرير اديولوجية
النظام المبنية على القومية العربية والإسلامية كركيزتين تعتمد عليهما في تقوية
الشرعية الدينية، بحيث التجأ في أكثر من مناسبة الى فلكلرة الأمازيغية كلغة وثقافة
لتجنب صدماته ضد الشعب الأمازيغي. وما خطاب الحسن الثاني في غشت 1994 بخصوص ايلاء
الأهمية للهجات الأمازيغية مباشرة بعد الاعتقالات السياسية والمحاكمات الصورية
التي شملت مناضلي جمعية تيللي أثناء خروجهم بلافتات تطالب برسمية الأمازيغية
مكتوبة بحرف تيفيناغ تندرج ضمن استكمال «السياسة البربرية" التي بدأها
الإستعمارالفرنسي بضبط المحاكم العرفية الأمازيغية وعزل المناطق الأمازيغية من
خلال ضهائر 1916 و1930 الذي حاول من خلالهما وقف زحف المقاومة المسلحة التي امتد
نضالها التحريري الى جميع ربوع الوطن على امتداده في كل المناطق الأمازيغوفونية.
لم تتوقف هذه السياسة البربرية حد
اعتماد اللهجات وانما سريعا ما خطب رئيس الدولة الحالي في أجدير في غشت 2001 من
أجل تأسيس معهد استشاري فاقد لأي مشروعية ديموقراطية في تأسيسه ووكل إليه مسألة
البحث والاهتمام باللغة والثقافة الأمازيغيتين من أجل تمييع المطالب الديموقراطية
والمشروعة للحركة الثقافية الأمازيغية داخل الجامعة وكذلك للفعل النضالي الأمازيغي
الجاد في الشارع، وتحريف النقاش السياسي والتنظيمي الذي بدأ مباشرة بعد تجميد مجلس
التنسيق الوطني وبروزما سمي بالبيان الأمازيغي كمحاولة من النظام المخزني في
تفويت الفرصة على ايمازيغن للحيلولة دون تأسيس إطارات سياسية قوية تعمل على مجابهة
السياسة المخزنية اتجاه الأمازيغية في مفهومها الشامل وقد بدا بشكل جلي الهدف من
تأسيس هذا المعهد الذي عمد الى خلق تشنجات داخل النسق الجمعوي الأمازيغي وبروز
أقطاب الإنتهازية والوصولية في استغلال القضية الأمازيغية والمطبلة للعهد الجديد
وجعله الوصي على الشأن الأمازيغي، وما التدخل الملكي في حل مشكلة الخط بحسمه لصالح
تيفيناغ ليس رغبة في تطوير الأمازيغية والمحافظة على خط كتابتها كأحد أقدم
الكتابات على مر التاريخ وإنما خلق توازنات داخل الحركة الأمازيغية بالشارع وتهريب
النقاش العمومي الذي ألحق مشروع الأمازيغية نحو دهاليز الصالونات المكيفة
بقليل من المعقولية في تناول الشأن الأمازيغي وكثير من الإندفاعية في كسب الصفقات
الهادفة الى تقوية مراكز النخب التي جعلت من نفسها ناطقا باسم الشعب الأمازيغي دون
أن يكلفها بذلك ، وتمييع النقاش السياسي والتنظيمي الذي شغل بال المناضلين
الأمازيغيين منذ أواسط التسعينات من القرن الماضي بإقحام غرباء مندسين لا يمتون
الى النضال والنقاش الأمازيغيين بصلة بل كان هدفهم الوحيد جر نضالات الشعب
الأمازيغي الى مستنقع التبخيس والإستفراد بنخب لا تصلح أن تكون ممثلة لتطلعاته
وإنتظاراته .
الا أن الحركة الثقافية الأمازيغية
داخل الجامعات متشبثة بمطلبها الرئيسي المتمثل في دستور ديموقراطي شكلا ومضمونا
يقر بأمازيغية المغرب وباللغة الأمازيغية لغة رسمية من أجل سد كل أبواب المسترزقين
بالشأن الأمازيغي وبموقفها من الإيركام كموقف مبدئي لم تبدله سنوات التآمر على
المطالب الديموقراطية العادلة والمشروعة لإيمازيغن ،وفي هذا السياق جاء التنديد
الشامل من لدنها لكل محاولة للإسترزاق بالأمازيغية وفلكلرتها وتمييعها في ضل
استراتيجية ممنهجة للنظام المخزني معادية لكل قيم ثيموزغا المبنية على اسس
الديموقراطية ، الحداثة ، الحرية والعدالة الإجتماعية .
إن الحركة الثقافية الأمازيغية داخل الجامعة كمكون من داخل الحركة الطلابية
انطلاقا من خطابها ومواقفها السياسية بينت درجة عالية من الوعي والمسؤولية
التاريخية في تعاطيها مع القضية الأمازيغية ببلورة وصياغة خطاب وتصور أمازيغيين
مبنيين على نظرة شمولية لجميع قضايا الشعب المغربي السياسية منها
والإقتصادية والإجتماعية والثقافية يتيح لها إصدار مواقف سياسية نابعة من كنه
القراءة المتأنية والموضوعية لسيرورة التطور التاريخي بالمغرب خاصة وشمال افريقيا
عامة بارتباطها مع التطورات الدولية وكذلك لصيرورة النضال الامازيغي كتحصيل حاصل
لتطور حركة التحرر الوطني في تعاطيها لقضية تحرير الوطن والتحرر من كل
الايديولوجيات التي لا تنسجم مع قيم ثيموزغا المتأصلة في تراثنا التاريخي
والحضاري.
ان النقاش المأزوم حول القانون
التنظيمي الذي جر قاصري النظر وفاقدي الرؤية الإستراتيجية للنضال الأمازيغي من داخل نسق دستوري ممنوح يفتقد
الى ابسط شروط وضع الدساتير الديموقراطية والمتعارف عليها في فقه القانون الدستوري ، هو محاولة لتبخيس مطلب الحركة الثقافية الأمازيغية
في وضع دستور ديموقراطي شكلا ومضمونا
وإضافة الى جر الحركة الأمازيغية بعمومتيها الى مستنقع النقاش المحرف الذي يضر بالأمازيغية
كقضية وبالنضال الأمازيغي كأساس جوهري في انتزاع حقوق الشعب الأمازيغي التاريخية
والديموقراطية .
لقد جسدت الحركة الثقافية الأمازيغية في جل
معاركها النضالية ومن خلال خطابها وتصورها المتجسد في موقفها الرافض للنظام
المخزني في تعاطيه الفلكلوري والتمييعي مع القضية الأمازيغية نهجا في مسلك
المقاومة والتصدي لكل المحاولات الرامية الى اقتلاع الجذور الأمازيغية من منبتها
الأصلي والحاقها بإديولوجيات غريبة على الجسم الأمازيغي في جل السياسات اللاوطنية
لنظام المخزن وكذا كل أذياله وأبنائه الطيعين إضافة الى كل المسترزقين بالقضية
الأمازيغية وبنضالات الحركة الثقافية الأمازيغية كإمتداد حقيقي وموضوعي
للمقاومة المسلحة وجيش التحرير.
إن التعاطي بشكل موضوعي مع اللاءات
الثلاث التي جسدتها الحركة الثقافية الأمازيغية في كل أشكالها النضالية يعتبر
مدخلا لتوضيح الخط الفكري والسياسي والتنظيمي للحركة الثقافية الأمازيغية داخل
الجامعة ،( لست متحدثا باسمها ) ومنارا للمسار التاريخي لهذه الحركة التي جعلت من
أولوياتها النضال من أجل القضية الأمازيغية كقضية محورية قدم من أجلها شهداء
دمائهم وآخرهم وليس أخيرهم "إزم" الذي اغتاله التحالف المخزني العروبي
بكل تجلياته المذهبية ، شهداء بصموا بدمائهم الطاهرة تاريخ ثامزغا وكتبوا بها عناوين
لا تنسى في النضال والإلتزام من أجل معانقة الحرية وتجسيدا لشعار من يكرم الشهيد
يتبع خطاه لا بد من مواصلة النضال الذي امتد لمدة ربع قرن داخل الجامعة بخطى ثابتة
وعقلانية مبنية على رؤية استراتيجية واضحة تستقرئ التاريخ من أجل استشراف
مستقبل مشرق للشعب الأمازيغي على أسس متينة بعيدا عن الإنجرار وراء تكتيكات خصوم
وأعداء اللأمازيغية محاولة منهم في ركوب وهم خندقة المناضلين في حروب وهمية
لتصفيات حسابات سياسية ضيقة حول ملفات لم يكن للأمازيغ أيدي في صنعها وافتعالها.
إن النضال الأمازيغي المؤسس على
رؤية وتصور تاريخيين واضحين مستلهمين للحضارة الأمازيغية في بعدها الديموقراطي
والحداثي في خطاب مؤسس عليهما وفق استراتيجية تهدف الى تحقيق كل المطالب التاريخية
والديموقراطية للشعب الأمازيغي، هو البديل الوحيد للتصدي لكل مناورات وسياسات
أعداء الأمازيغية بعيدا عن منطق ردود الفعل "المؤسسة" على الجهل
التاريخي وعدم تقدير المسؤولية والالتزام النضالي المنتج "لفعل"
يفتقد لعنصر التبصر والغارق في الفوضى والتناقض.
أستميحك عذرا رفيقي في مسيرة النضال
الشهيد "إزم" عريس شهداء القضية الأمازيغية بهذا الهمس الطفيف على آذان
رفاقك واخوانك وأصدقائك عسى أن يكون استشهادك توهجا أبديا مضيئا لخطك النضالي
وحصنا منيعا لمدرستك التي تعلمت من داخلها مبدأ المسؤولية والالتزام والنضال من
أجل القضية الأمازيغية كقضية أسمى وفوق كل الاعتبارات وكل الأشخاص الزائلين،
فلترقد روحك في سلام يا عريس الشهداء.

تعليقات