القائمة الرئيسية

الصفحات

قراءة في رواية " لحم الثور البري" للأنثروبولوجي الأمريكي كارلتون

 



قراءة في رواية " لحم الثور البري" للأنثروبولوجي الأمريكي كارلتون

   بقلم الأستاذ: رضوان المسعودي

الرواية كلها مُتعة وتشويق وإثارة لصاحبها الكاتب والانثروبولوجي الأمريكي " كارلتون ستيفنس كون " ، ترجمها  الاستاذ المقتدر عبد المجيد عزوزي إلى العربية ..

 فصول أحداث هاته الرواية ؛ تعود لآواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ، تبدأ القصة ، هكذا ، مع شخص يدعى عبد المومن برفقة زوجته وبقرته وكلبه لأن هما كل ما يملكان من ماشية ومتاع .. مُتنقلاً بصعوبة ومشقة بحثاً عن مكان خصب لتأسيس أسرة والاستقرار والعمل والعيش في راحة  وسلام . فشق طريقهما نحو " أزرو إيدودون أي " الجبل المدوي" وفي طريقهما أعجبا كثيرا بوادي " إقروعن "  حيث من هنا ستبدأ القبيلة بالتشكيل والتأسيس الأولي .. وتوسع العائلة شيئا فشيئا إلى أن تكبر ، وهناك سيبدأ الصّراع بين القبائل التي سيتم تأسيسها لاحقا ... 

   الإشكالية التي تطرحها الرواية من وجهة نظر الباحثين في المُقاومة الريفية ، في الحقيقة هناك إشكالات عديدة لكن سنحاول اقتصارها في إشكالية وهي : 

-  لماذا تم تغييب مُقاومة قبيلة جزناية وقائدها الحاج بقيش في جل الكتابات التى تناولت موضوع الريف وحربها التحريرية؟

- وهل يمكن التصديق والأخذ بالمعطيات الواردة في الرواية كحقائق تاريخية أم على الباحث النبش والبحث عن الحقيقة ..؟ أم أن الرواية جزء من الحقيقة كما يُقال ؟ 

وفي ذات السياق يعتبر هذا العمل حسب الأستاذ فريد أولاد محند " بحر من المعطيات التاريخية يمكن للباحث والمهتم والقارئ  عموما أن يسبح في ثقافة وذاكرة جزناية وعبرها كل قبائل الريف .. الأنثربولوجي ستيفنس كون قدم إلى الريف  سنة 1926 واستمر حتى 1928 لإنجاز أطروحته للدكتوراه حول "قبائل الريف" التي قدمها بجامعة هارفارد الأمريكية.

   شكلت رواية" لحم الثور البري" التي كتبت سنة 1932 خلاصة لأعمال كون حول قبائل الريف، وفي قالب روائي أبدع فيه بعين الانثروبولوجي واصفا بدقة وعناية الانسان والمجال الذي تدور حولهما الرواية، عمل فيه غوص في الذاكرة والثقافة والمجتمع بالريف وكيف عاش أجدادنا أفراحهم وأحزانهم وكيف دبروا خلافاتهم وصراعاتهم وتحالفاتهم ومقاومتهم للغزو الاستعماري وكيف تركو التناحر بينهم ووجهو بنادقهم صوب المستعمر " 

    بالاختصار المفيد ؛ فالرواية مُشوقة ومفيدة صراحة على أكثر من مستوى تجعلك لا تتركها إلى أن تتممها ، ولعل الفضل الكبير في ذلك يعود لمحتواها المعرفي التاريخي والثقافي والاسلوب السلس الجميل من جهة ، ومن جهة أخرى، للمجهود الذي بذله الأستاذ المترجم سي عبد المجيد عزوزي ، وهو مجهود جبار ليس من السهل الترجمة هكذا وفقط دون التنقل إلى عين المكان الذي دارت حوله الأحداث  ... 

    وعلى سبيل الختم ، وكما يعلم الجميع ، وفي هذا السياق ؛ فالكتابة التاريخية ؛  كتابة محفوفة بالمخاطر والمطبات ليست بالسهلة كما قد يعتقد البعض ، فهي تحاول إعادة بناء الوقائع التاريخية بمختلف فروعها ، ويبقى هناك دائما ما هو خفي أو ما هو غير مُدرك لأسباب ذاتية او موضوعية ، لتبقى الحقيقة غائبة ومصتعصية عن الفهم والمعرفة .

   رغم كل ذلك ، ومن بين الأسئلة التي بادرت في ذهني وأنا أقرأ هذا الكتاب ؛ هو كيف لكاتب أمريكي أن يكتب بهذا الكم الهائل من التفاصيل الدقيقة عن بلاد الريف وثقافة الانسان الريفي غي تلك الوقت ؟ وما سر هذا الاهتمام آنذاك ؟

تعليقات

التنقل السريع