"الكوماندوز الحكومي" والمهمات الخاصة
إن من يتبع ويقتفي اثر "الفرقة الحكومية" يستبشر بحالات التخبط اليومي والقرارات الارتجالية في تدبيره لمكونات الشأن العام ،بينما يحظر التخطيط والتدبير المحكم لمهام خاصة تعاكس مطامح فئات عريضة من الشعب المغربي،وكأن الحكومة عبارة عن فرقة من التدخل الخاص والسريع"الكوماندوز"،أو ما يسمى ب"المغاوير "أو "الصاعقة"،تم استحداثها من أجل القيام بمهام خاصة ،لتعود بعد ذلك إلى معاقلها ،وقد جرت العادة أن تسند لهذه الفرق القيام بمهام استثنائية ولحل الأزمات المستعصية، إلا أن "الكوماندوز الحكومي" في المغرب أوكلت له مهام الرفع من الأسعار وتطبيق أجندة وفروض صندوق النقد الدولي بالدرجة الأولى، وكذلك اغتيال الأمل في الممكن الديمقراطي واغتيال مطامح المواطن البسيط ، وأصبحنا نستفيق على عمليات نوعية و يومية تستهدف القدرة الشرائية للمواطن من خلال غطاء دولي وداخلي ،والتي لم تؤدي إلا إلى ضرب النسق الاجتماعي للمواطن المغربي،الذي يتلقى الضربات وتزداد أوجاعه ومعاناته مع المعيش اليومي.
ف"الكوماندوز الحكومي" منذ توليته إلا وهو يقوم بعمليات نوعية تستهدف العمق الاجتماعي من خلال إستراتيجية ممنهجة ومحكمة، تعمل على تكسير الإرادات وعظام كل من يتوسل ويتعشم في الحصول على أبسط حقوقه في الشغل والعيش الكريم.
وهو يقوم أيضا بعمليات إنزال لقرارات فوقية تنعدم فيها التشاركية والاستشارة الشعبية ،أي القيام بإنزالات كثيفة ومفاجئة دون وجود إشارات مسبقة حيث لا تتمكن رادارات المواطن من رصدها إلا بعد فوات الأوان، وإنزالات لقرارات أخرى تكون بإشعارات قبلية يمهد لها إعلاميا وخطابيا وتحظى بجرعات كبيرة من التبرير ، ومفاجئة المواطن/الخصم بالنسبة لهم في خطوطه وميدانه وإرباكه ونزعه مقومات الاحتجاج من خلال جهاز امني تابع يستثمر قوة الترويع والترهيب .
"فالكوماندوز الحكومي" فشل في مهام أصيلة جند لها في الأصل وتوارى عنها ولم يستطع تحرير رهائن الفقر والبطالة وضحايا الاستبعاد الاجتماعي والاستعباد السلطوي /الأمني ،بفعل تدخلاته غير المدروسة وافتقاره إلى خطة إستراتيجية للتحرك ،والتخبط والارتجالية في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ،ولم يستطع تحرير المال العام من قبضة النشالين والنصابين بل تعايش معهم،ولم يقدر على انتشال تدبير الشأن العام من الدجالين والمرتزقة ولم يقوى على تنقية وتصفية الأحزاب من "المصلحجيين"وأبنائهم البررة،وكرر نفس المسلكيات في اشتغاله .وانبطح كل الانبطاح واستسلم لنشوة السلطة .
كما إنه من عجائب وغرائب الأمور أن "الكوماندوز الحكومي" يقوم بحرب نفسية على المواطنين، وإذا كانت الحرب النفسية تقوم على أساس صراع الإرادات ،فإن الحكومة تنهج الحرب النفسية بهدف إخضاع إرادة المواطنين لإرادتها وليس العكس ،وإستراتيجية الحرب النفسية ترجو في مسعاها كسر إرادة الصمود لدى المواطن وكبح جماح الإرادة المعنوية لديه في التغيير وتحجيم قوته والنظر إليه كخصم ،وبالتالي تحقيق أهداف الحكومة في حد ذاتها وليس مطامح المواطنين ،وهي تقوم باستعمال أسلحة مختلفة ومتنوعة انطلاقا من اعتماد لغة التبرير واستحضار العدو الذي يتهدد الأمن والاستقرار وزرع الشائعات في صف المواطنين الذين لا حول ولا قوة لهم ،ولعب دور الضحية والمؤامرة والدعايات المغرضة التي تستند إلى مزاعم واهية ،لأن مهامها الخاصة تقتضي تحقيق الأهداف المرسومة بغض النظر عن التكلفة الاجتماعية.

تعليقات