القائمة الرئيسية

الصفحات

"التفاهة" بأموال دافعي الضرائب

 

"التفاهة" بأموال دافعي الضرائب

       صدمت تصريحات مغني الراب الملقب ب “طوطو”، خلال الندوة المنظمة من طرف وزارة الشباب والثقافة والتواصل، الرأي العام بعدما تباهى في النشاط الفني الذي يشرف عليه قطاع حكومي وممول في جزء منه بأموال دافعي الضرائب بتعاطيه المخدرات واقتناءها دون أدنى مشكل، مغني الراب قال متفاخرا أمام عدسات الكاميرا: “كنكميو الحشيش ومن بعد”، مضيفا: “الحشيش أقتنيه من منبعه على بعد 300 كلم، ومعروف عالميا أن الحشيش في المغرب، وكاين اللي كيجي باش يكميه عندنا”.

        بصراحة ما جاء في تصريحات الرابور "طوطو"، على هامش مشاركته في مهرجان “الرباط عاصمة للثقافة الإفريقية”، وما تلفظ به من كلام “بذيء” من فوق منصة المهرجان، فضلا عن خدشه للحياء العام بحضور الأسر والمسؤولين العموميين، ليس سوى مظاهر بسيط من مظاهر حالة التطبيع مع التفاهة التي صارت خيارا مطروحا للتكسب والشهرة، والغريب في الأمر أن كل مظاهر الانحراف عن القانون لم يعد يحرك المؤسسات التي من المفروض فيها أنها تسهر على تطبيقه وضمان احترامه، بل الأخطر من ذلك أن تصبح الأنشطة الفنية لرموز تعاطي المخدرات والكلام البذيء ممولة من جيوب دافعي الضرائب.

     إن نظام التفاهة الذي اصبحنا نعيش في كنفه ويتفرج عليه الجميع، سلطات وإعلام ومؤسسات التنشئة والوسطاء السياسيين، يسمح لأي إنسان تافه وجاهل بأن يصرح علنا أنه يتعاطى الممنوعات ويقتنيها ويعمد إلى استعمال ألفاظ منحطة وسط تصفيق العامة، فيغدو هذا التافه رمزاً وقدوة في المجتمع، لا بل صاحب مدرسة فنية وسلطة رمزية، بل ويصبح أيضا مخاطبا فنيا لمؤسسات في الدولة التي تبحث عن شهرة زائفة.

       وللأسف تسربت التفاهة والممارسات المخلة بالذوق والأخلاق تقريبًا إلى جميع المجالات في العالمين الواقعي والافتراضي، وقد طالت موجة التفاهة أيضًا الفن، فصار أشباه المغنين يستفزون قيم المجتمع بمظاهر وكلمات لا يمكن أن ترتقي إلى مستوى الفن.

     بلا شك إنه لأمر جميل أن تعتذر الحكومة عما بدى من تصرفات تافهة ومخلة بالحياء، لكن هذا لا يكفي وقد حان الوقت لاستنفار الجميع لمحاربة الرداءة والتفاهة بكل أشكالها وتجلياتها والقضاء على الإسفاف والتتفيه والتسطيح والتباهي بالأفعال الاجرامية كسلوك يروج له اليوم في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وفي بعض الأحيان في قنوات وأنشطة عمومية ورسمية، لا بد من القطع مع الفن التافه والمبتذل وإزاحة مساءلة الذي يتصدرون المشهد الإعلامي والفني بخرق القانون وقيم المجتمع.

بقلم عمر شرقاوي


تعليقات

التنقل السريع