القائمة الرئيسية

الصفحات

في ذكرى اليوم العالمي للمرأة



في ذكرى اليوم العالمي للمرأة

تعتبر المرأة فئة مهمة وأساسية في تشكل وتكون المجتمع، وتساهم بشكل محوري في رقي وتقدم هذا المجتمع نحو الأحسن، وضمان استمراريته وتماسكه وفعاليته، فالمرأة على مر العصور انخرطت وبشكل ايجابي ومسؤول في تحرر الشعوب، وكانت دائمة الحضور إلى جانب الرجل من أجل التصدي والوقوف ضدا على الغزو الأجنبي والاستعمار الغربي والغريب عن الوطن والهوية. كما ساهمت في تكوين أطر عديدة في مجالات متنوعة ومختلفة موجودين حاليا على رأس هرم أكثر مؤسسات الدولة حساسية ، حيث لعبت حينها دور الأب والأم في نفس الوقت.

سنة تلو أخرى، يتم التهليل والترويج في الأوساط المجتمعية والإعلامية المغربية، وخاصة في ندوات ومؤتمرات المجتمعين المدني والسياسي، لمفاهيم ذات حمولة سياسية وفكرية وديمقراطية عميقة، من قبيل "العهد الجديد"، "المساواة"، "ترسيخ ثقافتي حقوق الإنسان" و"حقوق المرأة"، "إشراك المرأة في التدبير المؤسساتي"، بينما الواقع المعاش ينفي ويدحض كل هذه العبارات والشعارات الرنانة والمزيفة من أجل تزيين صورة النظام السياسي المغربي أمام المنتظمين الإقليمي والدولي، والضحك على عقول المغاربة، لأن:

1)- المرأة المغربية مازالت تعاني من العقلية الرجولية السائدة في أوساطنا، رغم أنها دخيلة على المجتمع الأمازيغي بالمغرب، وهذه العقلية التقليدية والمستوردة ليست لا من فكر و لا من ثقافة إيمازيغن بشمال إفريقيا، لأن المرأة عند إيمازيغن كما تناولت ذلك العديد من المراجع العلمية كانت تحضى برعاية وقيمة خاصة ومهمة تستوجب كل التأمل والبحث في تاريخنا من أجل اكتشاف المزيد من الأسرار واستخلاص العبر، ولملامسة ملامح بناء نموذج مغربي أصيل بعيدا عن إسقاط التجارب الأجنبية، وما إسم المرأة باللغة الأمازيغية "تمغارت"Tamghart لدليل على أنها ذات مهابة وهبة مجتمعية محترمة.

2)- المرأة المغربية مازالت تقاسي جراء سياسات التهميش والإقصاء، الممنهجة من طرف الدولة المغربية وضد الشعب المغربي عامة، فكم من إمرأة مازالت تلد/ تولد على أرصفة المستوصفات والمستشفيات، وكم من أخر لم يجدن أدنى وسائل ووسائط التوليد والولادة والتطبيب بسبب الإهمال الذي تعاني منه وتعيشه المناطق المغربية المهمشة، خاصة مناطق الريف والأطلس اللذين تفتقر أغلب مستوصفاتهم إلى الأطر الطبية والشبه طبية، هذا إن لم نقل أن العديد من هذه المناطق من مداشر ودواوير تفتقر لهذه المستوصفات، وسكانها يقطعون العديد من الكيلومترات للمبحث عن أقرب مستوصف.

3)- إن المرأة المغربية أصبحت تخاف من الخروج من المنزل من أجل الذهاب إلى المدرسة أو الجامعة أو القيام بدورها كمربية ومدرسة أجيال المستقبل، أو كطبيبة وممرضة تساعد الأطفال والنساء في محنهم اليومية، نظرا للسلوكات الرجولية العنفوانية اللأخلاقية واللانسانية التي تعبر عن الكبت النفسي والجنسي والأمراض النفسية المتمثلة بالخصوص في مرض وتناقض الشخصيات ومرضها (بين ما هو خطابي وبين ما هو واقعي ميداني)، من تحرشات وإغتصابات وإختطافات،تبرهن إلى حد كبير إلى هيمنة السلطة الرجولية رغم التربية والتمدرس الذي يتلقاه أفراد مجتمعنا، خصوصا وأن أغلب مناهج التعليم بالمغرب تزكي أطروحة هذه الهيمنة وتدني من مكانة المرأة الطبيعية. بالإظافة إلى استغلال الأطفال من أجل العمل غير القانوني، وتشغيلهم قبل بلوغهم سن الشغل، واستغلالهم في تكوين شبكات للدعارة الداخلية والخارجية والتسول المدعومين والمحميين من طرف لوبيات الفساد بالمغرب.

4)- إن إقصاء المرأة من العمل المجتمعي الفعلي والعمل السياسي المؤسساتي، دليل وحجة ثابتة على مستوى الوعي الذي يعيشه مجتمعنا، فالقصور الفكري والسياسي المرتبط بتدبير الحياة المجتمعية والسياسية،  يوحيان بالهيمنة المطلقة للرجل في ميادين تدبير مؤسسات وأجهزة الدولة، و لا خير دليل على ذلك، منح منصب واحدة لسيدة مغربية في الحكومة النصف-ملتحية، بينما تم إقصاء كفاءات وقدرات نسائية عالية من مناصب كانت لتكون أكثر عطاءا ومردودية لو تم إشراك المرأة فيها.

5)- رغم التطبيل اليومي في المنابر المخزنية التلفزية وبعض مقرات أذيال هذا النظام بحقوق المرأة وضرورة منحها حقوقها المشروعة والمنصوص عليها عالميا في المواثيق الدولية، إلا أن محور ومجال الاستغلال السياسوي لها مازال قائما وثابتا، بل تطور ليعرف أساليب أكثر دهاءا وذكاءا، وأكثر استحمارا واستغباءا للشعب والمجتمع المغربي، وأكثر تدنيسا وإفراغا لمحتوى العمل الحقوقي والسياسي، فكم من تقدمي وحداثي استغل المرأة لإرساء دعائم ولبنات إديولوجيته، وكم من "علماني" استغل المرأة لشرعنة ممارساته وسلوكاته التي أحيانا تختلف طولا وعرضا مع جوهر ولب العلمانية، وكم من سياسي دنس وسيس المرأة، من أجل جمع ولم أكبر عدد ممكن من المناصرين والداعمين له، باسم الإشراك السياسي للمرأة في تدبير الشأن العام، وكم من رجل سلطة ونفوذ استغل براءة وكرامة المرأة من أجل إشباع غرائزه وشهواته الجنسية، وكم من نساء استغلن أنوثتهن والحراك المجتمعي النسائي من أجل شرعنة سلوكاتهن وانحرافتهن اليومية باسم حقوق وإنصاف المرأة.

أصبحت المرأة المغربية في ظل أوهام التقدم والتنمية والحداثة التي نعيشها، والتي يطبل لها أبواق وآذان هذا النظام المخزني، من إذاعات وقنوات تلفزية وطنية، من جرائد ومجلات مستقلة وغير مستقلة، من أبواق إلكترونية تتجسس على خصوصيات المتصفحين، مهددة في كرامتها وأنوثتها واستقلاليتها الشخصية، وحياتها الدراسية والمهنية، فالنخب المخزنية كانت ومازالت تهديدا حقيقيا لمسألة الانتقال الديمقراطي بالمغرب، ومسألة حقوق المرأة بالخصوص، لأن العقلية التقليدانية للنظام المخزني المغربي مازالت سارية المفعول، وخاصة في ظل استفحال الأمية والجهل نتيجة سياسة التعليم: التعلم – اللاتحصيل، وبالتالي مسألة إنصاف المرأة رهين بالإنصاف الذاتي، أي وجب للفرد وبالأخص المطالب بحقوق المرأة البدء بمحيطه الداخلي، أي من الخاص نحو العام.
عماد لبوز
8 مارس 2013



تعليقات

التنقل السريع