القائمة الرئيسية

الصفحات

العنف من داخل الجامعة المغربية...من هو المستفيد ومن هو المستهدف؟




العنف من داخل الجامعة المغربية...من هو المستفيد ومن هو المستهدف؟
عماد لبوز
الجمعة 29 مارس 2013
 
أصبحت الجامعة من مرتع للتحصيل العلمي والتثقيف والتثاقف بين الطلبة إلى رحاب للتقاتل وكأنها ساحة معركة مادية مصيرية، بعيدا كل البعد طولا وعرضا عن الإدعاءات بالجماهيرية والتقدمية والديمقراطية والاستقلالية (شعار منظمة أوطم) التي تهلل بها بعض (((مكونات))) الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، لأن التقدم والحداثة يشملان العقل والفكر ولا يشملان الانسلاخ وراء الأهواء ووراء السيكولوجيات ووراء المخططات الحزبية الخارجية، و التي أبانت بالفعل عن نيتها في قيادة الحركة الطلابية إلى الهاوية والإقبار واللارجعة واللاعودة.
في دلالة العنف من داخل الجامعة:
يعتبر العنف من داخل الجامعة من بين الظواهر التي تعيق المسيرة العلمية للطالب، التي تمثل اللبنة الأساسية لمواكبة التقدم الفكري، العلمي والتكنولوجي، فقد أجمع العديد من علاماء النفس والاجتماع على أن العنف قرين بالضعف، وهذا الضعف يشمل مناحي متعددة، خصوصا المجال الفكري الذي عبرأخيرا عن لا مردودية الجامعة المغربية، التي كانت إلى حد قريب تنتج كفاءات مازالت لحد الآن تقود المشهد السياسي الداخلي بالمغرب ومن مهندسي السياسة الدولية في إطار العلاقات الدولية بين المغرب وجيرانه الإقليميين والدوليين. كما ان هذا العنف بالموازاة مع خدمة الأجندة الحزبية الخارجية نابع من فشل في إقناع الطرف الآخر، بصدقية وعلمية الخطاب الذي تتبناه هذه (((المكونات))) التي تؤمن بأحادية الخطاب والإطلاقية في التفكير والممارسة، والعدمية في العقيدة، مقصية لفئات كبيرة من الطلبة في اتخاذ القرارات الحاكمة والحاسمة التي تهم السير العادي للجامعة المغربية. كما لا يجب التنسي بأن النظام المخزني المغربي ليس بريئ من الصراع الذي تشهده الجامعات المغربية، على اعتبار أن هذا النزاع بين المكونات يخدم موازين القوى ويحافظ على مصالحه واستقراره.
المستهدف من العنف من داخل الجامعة:
فبعد سلسلة من المعيقات التي عرقلت السير العادي للتعليم العالي بالمغرب، خاصة في أغلب المواقع الجامعية التي تعتبر بؤرة ومركز النضال الجماهيري الذي يهدد النظام المخزني المغربي، الذي عجز منذ بداية الموسم الجامعي عن إمتصاص الغضب الطلابي واحتجاجاتهم من أجل التحصيل العلمي في ظروف مواتية تحمي كرامة الطالب المغربي، إرتأى إلى عسكرة ومخزنة الجامعة المغربية وخاصة في ظروف إجتياز امتحانات الدورة الخريفية التي أبانت عن النية الفعلية لهذا النظام في تحويل الجامعة المغربية من فضاء لإنتاج وتكوين الأطر و الكفاءات التي قد تزيد قدما بالبلاد نحو الأمام ونحو الأحسن، إلى فضاء يجرد الجامعة من استقلاليتها وسمعتها، مما يعبر بالملموس عن الخوف والضغينة اللذان يكنهما هذا النظام المستبد للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، و تسانده وتدعمه في شرذمة النضالات الحقيقية لبعض المكونات الجذرية والردايكالية ومحاولة إقبارها في دوامة العنف اللامتناهي عن طريق أذياله وعماله المسخرين والمكترين الذي يدعون (((صفة الطالب))) مدججين بالأسلحة البيضاء خالقين الرعب وسط الحرم الجامعي (الحي الجامع والكليات بالخصوص) بالموازة مع المذكرة الثلاثية (((وزارة التربية الوطنية , وزارة التعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي , وزارة الداخلية))) الهادفة الى عسكرة الجامعة و تطويق المواقع الجامعية الصامدة والرائدة في النضال الجماهيري.
المستفيد من العنف من داخل الجامعة:
وما يبرهن اسمرارا وتوالي هذا العنف من داخل الجامعة من مشاجرات ومشادات كلامية واستفزازات يومية، هو الرفض المطلق لبعض المكونات التي تتدعي التقدمية والانفتاح للحل الذي اقترحه مكون الحركة الثقافية الأمازيغية من داخل الجامعة على المستوى الوطني والمتمثل بالخصوص في توحيد الصف الطلابي من أجل نضال عقلاني سلمي وملتزم يساهم في الضغط على مراكز القرار وبالتالي الاستساخ لمطالب الطلبة، بالإظافة إلى توقيع ميثاق شرف ضد العنف والإقصاء من داخل الجامعة، لكون الحركة تؤمن بأن هذا الفضاء هو جو ورحاب للعلم والتحصيل العلمي والمقارعة الفكرية، وإثبات الحجة بالحجة، وتؤمن بقوة الخطاب، عكس هذه المكونات التي تؤمن بخطاب القوة (العنف الثوري، الجهاد) بعيدا عن الحزازات السياسوية الضيقة، لأن مصلحة الطالب المغربي فوق كل إعتبار، لكن الرفض والمراوغة في إيهام الطلبة بخطابات رنانة ووهمية ورجاحة أفكارها مستغلين الضعف الفكري والانحطاط السياسي والاديولوجي لأغلب الطلبة، أبانت عن نية هذه المكونات في قيادة الحركة الطلابية إلى الهاوية والإقبار النهائي، بالإظافة لمحاولة الدكاكين السياسية الإدارية في ولوج الجامعة وتكوين أذرع طلابية لها تكون لها الكفاءات الحزبية القادرة على إستكمال النقاشات السياسية بالشارع السياسي العام وجعل الجامعة اثناء التحكم بها وسيلة للضغط على بعضها (الدكاكين السياسية) البعض .
إن العنف من داخل الجامعة المغربية ليس ولدي اليوم، بل هو كائن منذ بزوغ الاديولوجيات الخارجية والغريبة عن الهوية الحقيقية للشعب المغربي، وهذا ليس بنقطة ضعف لكن نقطة قوة في حد ذاتها إن أحسنا استغلاها بصفة إيجابية ونوعية في ترسيخ الفكر والفعل النضالي العقلاني والملتزم والسلمي في أذهان الطلبة الذين يشكلون بؤرة التقدم نحو الأمام والرقي بمستوى الجامعات المغربية إلى الصدارة، ومحاولة تكوين جيل شبابي ذو فكر نابع من صلبه ومن عمقه التاريخي الحقيقي لإعادة الاعتبار للانسان المغربي الذي يستلب يوما بعد آخر في هويته وفي ثرواته الثمينة، فالنقص الفكري والسياسي ساهموا بشكل كبير في تكاثر المخططات المخزنية الرامية إلى تكوين كفاءات فارغة وخامدة وهامدة حتى يتسنى له التلاعب بها وتسييرها بكيفيته وطريقته التي تحافظ على استقراره وعلى شرعيته المصطنعة، ففي الاختلاف رحمة، لكن في الخلاف تقاتل وتطاحن وتكالب وإهدار للكفاءات البشرية والفكرية، لأن الايمان بقيمة الاختلاف هو إيمان بالآخر وتقبل لمواقفه ومعتقداته، لكن الخلاف نابع من حضن الاطلاقية، والفكر الاطلاقي مصيره الزوال.

تعليقات

التنقل السريع