القائمة الرئيسية

الصفحات

المجاهدة الراحلة عالية الأزرق زوجة قائد ثورة انتفاضة‪1958 ‬ بالريف


المجاهدة الراحلة عالية الأزرق زوجة قائد ثورة انتفاضة‪1958 ‬ بالريف

      القلة من يعرفون اسم عالية الأزرق التي اقترن مصيرها بمسار رجل استثنائي، حيث كان زواجها بمحمد الحاج سلام أمزيان بمثابة انقلاب في حياة فتاة هادئة وضعها القدر في قلب أحداث الريف خلال عقد الخمسينات.

ولدت العالية أواسط الثلاثينات بقرية إبنزرقن – قبيلة آيث ورياغل- باقليم الحسيمة،أبوها هو موح حدو بنزرق، وأمها هي فاطمة أبركان من دوار أيث عزيز.

    هاجرت في بداية الأربعينيات مع أسرتها إلى مدينة أصيلا عبر مدينتي الحسيمة وسبتة. ورغم عودة والديها إلى الريف، فإنها فضلت الاستقرار رفقة أخيها وأختها الأكبري سنا منها بمدينة أصيلا، حيث كبرت و قضت طفولتها.

   حوالي سنة 1949 قامت بزيارة لوالديها، وذات صباح قررت أن تذهب، شأنها شأن باقي فتيات زمانها، إلى سوق أحد إسويقن الخاص بالنساء (جماعة إمرابضن). وأثناء تجوالها بين رحاب هذا السوق، لاحظتها مجموعة من النساء اللائي قدمن من قرية أيث بوخرف، فأعجبن بها رغم صغر سنها واخترنها زوجة لـ “ميس ن رحاج سلام أمزيان”.

       مع مطلع الخمسينات، هاجرت رفقة زوجها إلى قرية با محمد حيث تم تعيينه مدرسا للغة العربية، وهو التعيين الذي استغلاه للتعرف عن كثب على المنطقة الجنوبية للريف التي شهدت خلال عشرينيات القرن العشرين جولات المعارك والنضال التي خاضتها المقاومة الريفية بقيادة الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي ضد الاحتلال الفرنسي.

     تشبع زوجها القائد محمد الحاج سلام أمزيان منذ صغره بأفكار عبد الكريم الخطابي، وترسخها في سلوكه ومواقفه خاصة بعد نزول الأمير سنة 1947 بالقاهرة، واتخاذه مواقف سياسية جريئة ضد الاحتلال، جعله عرضة للمراقبة والتعقب، بل التهديد بالاعتقال، وهذا ما دفعه إلى اللجوء إلى مدينة طنجة رفقة زوجته السيدة عالية الأزرق. وكان ذلك مع بداية الخمسينات من القرن الماضي، وهي فترة كانت حبلى بمجموعة من الوقائع والأحداث السياسية التي ستؤثث للفترة اللاحقة.

   بعد استقرار لمدة قصيرة بمدينة طنجة، انتقلت إلى تطوان، ثم عادت إلى الريف، قرية ايث بوخرف، مع مطلع سنة 1954، وهي السنة التي توفي فيها والد زوجها، الحاج سلام.

بهذه القرية ستمكث منذ هذا التاريخ حتى 1982، تاريخ انتقالها للاستقرار بمدينة الحسيمة إلى الآن.

بين هذين التاريخين السابقين، عاشت أحداث ووقائع عديدة غيرت مجرى حياتها وأطرت سلوكها الاجتماعي. فما بين التاريخين، كان اعتقال رفيق حياتها ما بين 1956 و1958، وكانت انتفاضة الريف وهمومها ومشاقها، أعقبها اعتقالها مع أسرتها الصغيرة والكبيرة لمدة شهر بمعتقل باينتي، ثم بالثكنة العسكرية بمدينة الحسيمة لمدة عشرة اشهر. وحينما أطلق سراح الجميع، انتقلت للسكن ببعض الدور بهذه المدينة، ثم عادت نهاية 1961 إلى مسكن الأسرة ب”رابع ن توراث” لتعيش على ذكرى زوجها المنفي تاركا لها أربعة أبناء وهم: فائزة، جمال، محمد، نعيمة، أكبرهم لم يكن عمره آنذاك يتعدى خمس سنوات.

       وفي 1966 عادت مرة أخرى إلى قرية أيث بوخرف حيث تنكرت لذاتها وكرست كل وقتها ومستقبلها – بدعم من امرأة أخرى قل نظيرها، وهي المرحومة فاطمة امحند جاب الله والدة قائد الانتفاضة، المرأة المكافحة في غياب رب الأسرة والتي وافتها المنية سنة 1998– للنضال، ليس النضال بالمفهوم السياسي، بل النضال ضد عوادي الزمن، حتى تتمكن من إتمام رسالته، وهي تربية أبنائها وتكوينهم وبنائهم لضمان استمرار أسرة واسم “ميس ن رحاج سلام” في الوجود الذي عاشت سنة 1995 ظروف وفاته ومراسيم دفنه في مقبرة القرية التي ولد فيها وانطلقت منها حركة الانتفاضة.

الورقة من اعداد جمعية ذاكرة الريف/الحسيمة.

تعليقات

التنقل السريع