القائمة الرئيسية

الصفحات


صحافيو المخزن
تعتبر مهنة الصحافة من أهم المهن التي يهدف جوهرها ومضمونها الحقيقي إلى كشف الحقيقة للمواطن وإيصال المعلومة أو المعلومات التي تعري سواء إيجابية أو سلبية المجتمع في أي بلد معين، كما أخذت على عاتقها فضح الخبايا والأسرار التي يحجبها مالكي القرارات وذوي المسؤوليات في مختلف أجهزة ودواليب الدولة دون الخشية من تبعات هذا الفضح السياسي الذي قد يساهم في بلورة حس المسؤولية والعمل به في معظم القطاعات الحيوية التي أسند إليها مهمة الرقي بعجلة التنمية والتقدم نحو غد أفضل متسم بالشفافية والوضوح.
إن صلب مهنة الصحافة يسعى إلى النبش في مختلف الملفات الحساسة والتي تشكل بالنسبة للمخزن طابوا وخط أحمر لا يجب الخوض فيه وفي حقائقها، بهدف كشف الأسرار التي تم إخفائها على كل مواطن ومواطنة، خصوصا ملفات مافيا العقار، مافيا الصيد بأعالي البحار والمستفدين من رخصه، و مافيا مقالع الرمال ومناجم الذهب والفضة بمجموعة من المدن المغربية، وخاصة وأن المغرب يتوفر على ثروة معدنية مهمة قد تساهم في نقلة نوعية لازدهار المجتمع وخلق مناصب شغل وعمل ستساهم في تراجع نسبي لمعدل البطالة بالمغرب، وكذا مافيا الضيعات الفلاحية والسياحة الجبلية والشاطئية التي غدت أغلب المنتجعات بحوزة أعيان المؤسسات المخزنية. دون أن ننسى ملفات التهرب من الضرائب...
بمعنى أن هناك فرق كبير بين الضمير والذات الصحفيين ومهنة الصحفي، فالأولين يجعلان الصحفي يحاول بشتى الوسائل الممكنة والمتاحة البحث عن الحقيقة وفضح أسرار مختلف الذين يتآمرون ضد مصلحة الشعب، وضد كل الآليات والميكانيزمات المدسوسة التي تمنعهم من ممارسة مواطنتهم وإنسانيتهم، كما يساهمان في توعية وتثقيف القارئ بحقائق تاريخية فعلية وواقعية تكشف الغبار عن الماضي الأسود الذي ما زلنا ندفع ضريبة مجموعة من المعاهدات الخيانية والصفقات التي جعلت من المغرب عبدا وجارية لمعظم الدول الغربية التي عجزت وشلت أمام شجعان حركة المقاومة المسلحة و حركة جيش التحرير التي مازال ملفات الشهيد عباس لمساعدي وإعادة رفات الشهيد مولاي موحند وكشف المتواطئين في قصف الريف بالغازات السامة في غياهب النسيان وفي محافل الاسترزاق السنوي في منتديات ولقاءات وندوات "وطنية". بينما الثانية –مهنة الصحفي- فلا علاقة لها لا بالضمير الصحفي ولا بالذات المسؤولة التي تروم إلى الحقيقة أو الحقائق التي تكشف الجوانب المظلمة في جل القطاعات والميادين الأساسية، لأنها في نظر الصحفي وسيلة للاغتناء المادي حتى وإن كلفه أمر ذلك بيع كرامته وشرفه واسترخاص مساره التعليمي المتشبع بمختلف القيم الإنسانية النبيلة، من أجل تحريف حقائق المشاكل والمعضلات التي يعاني منها سكان مناطق المغرب النائية، عن طريق استحمار القراء واستغباء ذكائهم وقدرتهم على تحليل الأحداث المتسلسلة بخطابات رنانة و منمقة تتعارض وتتناقض مع شكل وضمون الخطاب الصحفي الحقيقي.
إن الحديث عن مفهوم صحافيو المخزن بالمغرب، ما هو إلا نتاج لمجموعة من الأمور والحيثيات التي أبانت فعلا عن عدم استقلالية قطاع الصحافة وانعكاسه على مختلف الصحافيين الذين صارت لديهم مهنة الصحافة آلية من آليات الترويج لمختلف سياسات الدولة الاستحمارية، الاستغبائية، والاستبلادية (من البلادة) التي تنمق الأحداث وتغلفه في قالب ثنائي يظهر كأنه يكشف الحقيقة ولكنه في طياته ما هو إلا تصفيات حسابات سياسية بين الدكاكيين السياسية أو بين الإطارات الحقوقية التي وجدت في العمل الحقوقي آلية للضغط من أجل مصالح ذاتية ضيقة تقزم من منظومة حقوق الإنسان وتميع مشهد الحريات الفردية التي تأخذها كسلاح من أجل التهديد دون أن يكون هدفه إعادة الاعتبار لكرامة المواطن المغربي المهدورة و الوقوف بجانبه من أجل التمتع بكافة حقوقه الطبيعية المشروعة.
إن المتتبع والمتصفح لمعظم الكتابات الصحفية من مقالات وتقارير وتحقيقات سيلامس عمق وصلب الموضوع وربطه بالخصوص مع "المشهد السياسي المغربي" المتسم بالغموض والحربائية في التعامل مع الحراك الشعبي الذي انتعش ببزوغ حركات 20 فبراير بمختلف أرجاء البلاد والأرضيات المطلبية التي بنت عليها احتجاجاتها، حيث معظم القراءات والتحليلات نابعة من إيديولوجية سياسية محضة بعيدة كل البعد عن التفسير الحقيقي والموضوعي في تناول أسباب فشل هذه الحركات في الاستمرار في وتيرة الاحتجاجات التي كانت عليها في بداياتها، ولم يتناول ولو كاتب أو صحفي موضوع إفشالها والصفقات التي تمت بين المخزن وممثليه مع من كانوا ينسبون أنفسهم بنشطاء وقيادات هذه الحركة خاصة في بعض المواقع القريبة من المركز والتي تتحكم فيها بعض ضباع الدكاكين والبيادق السياسية  ومجموعة من الامتيازات التي حصلوا عليها بذلك مما انعكس سلبا على تراجع مجموعة من المطالب التي كانت في أرضياتها التأسيسية خصوص مطلب إسقاط النظام إلى إسقاط الفساد، و الذي له دلالة سياسية كبرى تتمحور حول المصالحة مع النظام وتعزيز شرعيته و استمراريته، زد على ذلك ملف الشهداء الخمس بالحسيمة الذي عرف تكتما إعلاميا وعدم الجرأة في تناول الملف وكشف من كان وراء قتلهم وزجهم في مؤسسة البنك الشعبي وتهمة السرقة التي روجت ضدهم لإسكات الرأي العام وطوي الموضوع.


عماد لبوز – الجمعة 28 فبراير 2014-

تعليقات

التنقل السريع